-A +A
صالح إبراهيم الطريقي
الآن وبعد أن هدأت الأمور وقل الخوف من «فايروس كرونا» المثير للغضب والعدوانية اتجاه العاملين بالقطاع الصحي، يمكن الحديث ونقد المجتمع بهدوء، فالغضب والعدوانية هدأت ويمكن لأفراد المجتمع تقبل النقد بصدر رحب.
بالتأكيد ما حدث ــ وأعني هنا خطر كرونا ــ أثـار رعب الجميع، وردة الفعل الأولية للرعب والغضب والعدوانية، ولكن كان من الممكن ألا توجه العدوانية ضد كل شيء، لولا أن غالبية الإعلام المرئي والمقروء ضخم وعزز هذه المخاوف، فاشتعلت مواقع التواصل الاجتماعية بالغضب وبدأ الهجوم على كل القطاع الصحي دون استثناء، مع أن هناك أشخاصا كثرا يستحقون من أفراد المجتمع أن يدعموهم ولو بكلمة طيبة، كأن يقال لهم «نقدر معاناتكم ومخاوفكم».
أول هؤلاء «المصابون بالفايروس» الذين غاب عنهم الإعلام، ولم يمنحهم مساحة على شاشاته أو أوراقه، ليحكوا مخاوفهم ومعاناتهم والموت يهدد حياتهم.
كذلك الطبيبات والأطباء والممرضات والممرضون والفنيون الذين عليهم أن يحتكوا يوميا بالمصابين أو من لديهم شبهة إصابة بالمرض، هم أيضا يعيشون مخاوفهم الخاصة يوميا، ويوميا يسألون أنفسهم : «هل سأصاب بالفايروس، وهل سأعرف هذا قبل أن أعود لبيتي فأنقل المرض لكل أسرتي، أم باستطاعتي حماية أسرتي، فلا أنقل لهم المرض»؟.
هؤلاء العاملون بالقطاع الصحي الذين لا دخل لهم بإصدار القرارات أو تعطيلها، ويوميا يخاطرون بأنفسهم وأسرهم، إذ يتعرضون لكل أنواع «الفيروسات» المعدية البسيطة والمميتة، لا يستحقون أن يواجههم أفراد المجتمع بالعنف والعدوانية، بقدر ما يحتاجون إلى الوقوف معهم ومساندتهم والتعاطف معهم، ليس من باب الشفقة، بل لأنهم يستحقون هذا، فهم يضحون بحياتهم وحياة أسرهم كل يوم من أجل حماية المجتمع.
يستحقون أيضا أن يطالب أفراد المجتمع نيابة عنهم بأن يصرف لهم «بدل خطر»، لأنهم يواجهون الخطر كل يوم، إذ ذاك ستجد أغلبهم إن لم أقل جميعهم يرددون «مثل هذا المجتمع يستحق أن نضحي بحياتنا من أجله».
أما الهجوم عليهم والعدوانية اتجاه الجميع، من جهة ستفرح المسؤولين الحقيقيين عن ما حدث إذ يتوهون بالزحام، من جهة أخرى ستولد لدى العاملين بالقطاع الصحي «لامبالاة»، كردة فعل طبيعية لأي إنسان إذ يقول : «لماذا علي أن أضحي بحياتي وحياة أسرتي، من أحل هؤلاء العدوانيين» ؟.
S_alturigee@yahoo.com

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة